وصايا شرعية ضد السحر والحسد
إذا كنت تريد الوقاية التامة من السحر وآثاره لك ولأفراد عائلتك فلك أن تتبع تلك النصائح العشر
هل أنت من الاشخاص المميزين بنعمة من ربك وهى نعمة ظاهرة للناس او بصفة خاصة او بأي شئ قد يراه الناس عظيما ويرونه كثيرا عليك فهم يحسدونك فانتبه لذلك جيدا
واحذر أيها المؤمن من المفاخرة واظهار ما اختصك به الله من نعم فان الحسد موجود في كل انسان ولكن بدرجات حسب الايمان والرضا والقناعة عند كل شخص سواء كان مؤمنا أو مشركا فالحسد موجود والعين موجودة ولكن بدرجات
وهذه عشر وصايا لابد من اتباعها كاسباب لردع الحسد إن شاء الله :
أولا : التعوذ بالله من شره الحاسد
( ويكون ذلك بقراءة سورة الفلق يوميا من ثلاثة مرات او سبعة مرات ) او قرائتها على ماء طاهر في كوب وغسل الوجه وشرب الباقي يوميا
والله تعالى سميع لاستعاذته ، عليم بما يستعيذ منه . والسمع هنا المراد به : سمع الإجابة لا السمع العام ، فهو مثل قوله : " سمع الله لمن حمده " وقول الخليل (صلى الله عليه وسلم) : ( إَنَّ رَبِى لَسَمِيعُ الُّدعاءِ ) { ابراهيم 39} ومرة يقرنه بالعلم ، ومرة بالبصر لاقتضاء حال المستعيذ ذلك ، فإنه يستعيذ به من عدو يعلم أن الله يراه ويعلم كيده وشره .
فأخبر الله تعالى هذا المستعيذ أنه سميع لاستعاذته ، أي مجيب ، عليم بكيد عدوه ، يراه ويبصره لينبسط أمل المستعيذ ، ويقبل بقلبه على الدعاء .
وتأمل حكمة القرآن كيف جاء في الاستعاذة من الشيطان الذي نعلم وجوده ولا نراه بلفظ ( السِّمِيعُ العَلِيمُ ) في الأعراف وحم السجدة ، وجاءت الاستعاذة من شر الإنس الذي يؤنسون ويرون بالأبصار بلفظ ( السَّمِيعُ البَصِيرُ ) في سورة حم المؤمن ، فقال : ( إِنَّ الَّذينَ يُجَادِلُونَ في ءايَاتِ اللهِ بغَيرِ سُلطَانٍ أَتَاهُم إَن فى صُدُورِهِم إِلاَّ كَبرُُ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاستَعِذ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَمِيعُ البَصِيرُ ) { غافر 56} لأن أفعال هؤلاء أفعال معاينة ترى بالبصر ، وأما نزغ الشيطان فوساوس وخطرات يلقيها في القلب يتعلق بها العلم . فأمر بالاستعاذة بالسميع العليم فيها ، وأمر بالاستعاذة بالسميع البصير في باب ما يرى بالبصر ويدرك بالرؤية . والله أعلم .
ثانيا : تقوى الله :
وحفظه عند أمره ونهيه ، فمن اتقى الله تولى الله حفظه ولم يكله الى غيره ، قال تعالى : ( وإَنّ تَصبِرُوا وَتَتَّقوا لا يَضُرُّكُم كَيدُهُم شَيئاً ) {آل عمران 120} .
وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لعبدالله بن عباس : " احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك " .
فمن حفظ الله حفظه الله ، ووجده أمامه أينما توجه ، ومن كان الله حافظه وأمامه فمن يخاف ومن يحذر ؟!
ثالثا : الصبر على عدوه :
وأن لا يقاتله ولا يشكوه ، ولا يحدث نفسه بأذاه أصلاً ، فما نُصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه والتوكل على الله ، ولا يستطل تأخيره وبغيه ، فإنه كلما بغى عليه كان بغيه جندا وقوة للمبغي عليه المحسود يقاتل به الباغي نفسه وهو لا يشعر ، فبغيه سهام يرميها من نفسه الى نفسه ، ولو رأى المبغي عليه ذلك لسره بغيه عليه ، ولكن لضعف بصيرته لا يرى إلا صورة البغي دون آخره ومآله ، وقد قال تعالى : ( وَمَن عَاقَبَ بِمِثلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِى عَلَيهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللهُ ) { الحج 60} . فإذا كان الله قد ضمن له النصر مع أنه قد استوفى حقه أولاً ، فكيف بمن لم يستوف شئً من حقه بل بغي عليه وهو صابر ؟ . وما من الذنوب ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم وقد سبقت سنة الله " إنه لو بغى جبل على جبل جعل الباغي منهما دكاً " .
رابعا : التوكل على الله :
فمن يتوكل على الله فهو حسبه . والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم ، وهو من أقوى الأسباب في ذلك ، فإن الله حسبه أي كافيه ، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه ، ولا يضره إلا أذى لابد منه كالحر والبرد والجوع والعطش .
وأما ما يضره بما يبلغ منه مراده فلا يكون أبداً . وفرق بين الذى الذي هو في الظاهر إيذاء له وهو في الحقيقة إحسان إليه وإضرار بنفسه ، وبين الضرر الذي يتشفى به منه . قال بعض السلف : جعل الله لكل عمل جزاء من جنسه ، وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته لعبده فقال : ( وَمَن يَتَوكَّل عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ) {الطلاق 3} . ولم يقل نؤته كذا وكذا من الأجر كما قال في الأعمال ، بل جعل نفسه سبحانه كافي عبده المتوكل عليه وحسبه وواقيه . فلو توكل العبد على الله حق توكله وكادته السموات والأرض ومن فيهن لجعل له ربه مخرجا من ذلك وكفاه ونصره . وقد ذكرنا حقيقة التوكل وفوائده وعظم منفعته وشدة حاجة العبد إليه في " كتاب الفتح القدسي " وذكرنا هناك فساد من جعله من المقامات المعلولة . وأنه من مقامات العوام ، وأبطلنا قوله من وجوه كثيرة وبينا أنه من أجلِّ مقامات العارفين ، وأنه كلما علا مقام العبد كانت حاجته الى التوكل أعظم وأشد ، وأنه على قدر إيمان العبد يكون توكله ، وإنما المقصود هنا ذكر الأسباب التي يندفع بها شر الحاسد والعائن والساحر والباغي .
خامسا : فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه :
وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له ، فلا يلتفت إليه ، ولا يخافه ، ولا يملآ قلبه بالفكر فيه ، وهذا من أنفع الأدوية وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره ، فإن هذا بمنزلة من يطلبه عدوه ليمسكه ويؤذيه ، فإذا لم يتعرض له ولا تماسك هو وإياه بل انعزل عنه لم يقدر عليه ، فإذا تماسكا وتعلق كل منهما بصاحبه حصل الشر . وهكذا الأرواح سواء . فإذا علق روحه وشبثها به ، وروح الحاسد الباغي متعلقة به يقظة ومناماً لا يفتر عنه ، وهو يتمنى أن يتماسك الروحان ، ويتشبثا ، فإذا تعلقت كل روح منهما بالأخرى ، عدم القرار ، ودام الشر حتى يهلك أحدهما . فإذا جبذ روحه منه ، وصانها عن الفكر فيه والتعلق به ، وأن لا يخطره بباله ، فإذا خطر بباله بادر الى محو ذلك الخاطر والاشتغال بما هو أنفع له وأولى به . بقي الحاسد الباغي يأكل بعضه بعضاً ، فإن الحسد كالنار فإذا لم تجد ما تأكل أكل بعضها بعضاً ، وهذا باب عظيم النفع لا يلقاه إلا اصحاب النفوس الشريفة والهمم العالية ، { أما الغمر الذي يريد الانتقام والتشفي من عدوه فإنه بمعزل عنه . وشتان } بين الكيس الفطن وبينه ، { ولا يمكن أحداً معرفة قدره } حتى يذوق حلاوته وطيبه ونعيمه ، كأنه يرى من أعظم عذاب القلب والروح اشتغاله بعدوه وتعلق روحه به ، ولا يرى شيئاً ألم لروحه من ذلك ، ولا يصدق بهذا إلا النفوس المطمئنة الوادعة اللينة التي رضيت بوكالة الله لها ، وعلمت أن نصره لها خير من انتصارها هي لنفسها ، فوثقت بالله ، وسكنت إليه ، واطمأنت به ، وعلمت أن ضمانه حق ووعده صدق ، وأنه لا أوفى بعهده من الله ، ولا اصدق منه قيلاً . فعلمت أن نصره لها أقوى وأثبت وأدوم وأعظم فائدة من نصرها هي لنفسها أو نصر مخلوق مثلها لها .
سادسا : الإقبال على الله والإخلاص له :
وجعل محبته ورضاه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه وأمانيها تدب فيها دبيب تلك الخواطر شيئاً فشيئاً حتى يقهرها ويغمرها ويذهبها بالكلية فتبقى خواطره وهواجسه وأمانيه كلها في محاب الرب ، والتقرب إليه وتملقه وترضيه واستعطافه وذكره كما يذكر المحب التام المحبة محبوبه المحسن إليه الذي قد امتلأت جوانحه من حبه فلا يستطيع قلبه انصرافاً عن ذكره ، ولا روحه انصرافاً عن محبته ، فإذا صار كذلك فكيف يرضى لنفسه أن يجعل بيت أفكاره وقلبه معموراً بالفكر في حاسده والباغي عليه والطريق الى الانتقام منه والتدبير عليه ؟ هذا ما لا يتسع له إلا قلب خراب لم تسكن فيه محبة الله وإجلاله ، وطلب مرضاته . بل إذا مسه طيف من ذلك واجتاز ببابه من خارج ناداه حرس قلبه : " إياك وحمى الملك! اذهب الى بيوت الخانات التي كل من جاء حل فيها ونزل بها . ما لك ولبيت السلطان الذي أقام عليه اليزك ، وأدار عليه الحرس ، واحاطه بالسور ؟".
قال تعالى حكاية عن عدوه إبليس أنه قال : ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغوِينَّهُم أَجمَعِينَ * إَلاَّ عِبَادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ ) { ص 82 : 83 } .
وقال تعالى : ( إِنَّ عِبَادِى لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ ) { الحجر 42 } .
وقال تعالى : ( إِنَّهُ لَيسَ لَهُ سُلطَانٌ عَلَى الَّذينَ ءَامَنُوا وَعَلَى رَبِهِم يَتَوَكَّلُونَ * إَنَّمَا سُلطَانُهُ عَلَى الَّذينَ يتَوَلَّونَهُ والَّذينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَ ) {النحل 99 : 100 } .
وقال في حق الصديق يوسف عليه السلام : ( كَذّلِكَ لِنَصرِف عَنهُ السُّوءَ وَالفَحشَاءَ إِنَّهُ مِن عِبادِنا المُخلَصِينَ ) { يوسف 24 } .
فما أعظم سعادة من دخل هذا الحصن ، وصار داخل اليزك لقد آوى الى حصن لا خوف على من تحصن به ، ولا ضيعة على من آوى إليه ، ولا مطمع للعدو في الدنو إليه منه : ( ذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ من يَشَاءُ واللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ ) {الجمعة 4} .
سابعا : تجريد التوبة إلى الله :
من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه فإن الله تعالى يقول : ( وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتَ أَيدِيكُم ) {الشورى 30} ، وقال لخير الخلق وهم أصحاب نبيه دونه (صلى الله عليه وسلم) : ( أَوَ لَمَّا أَصَابَتكُم مُصِيبةُُ قَد أَصَبتُم مِثلَيهَا قُلتُم أَنَّى هَذَا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم ) {آل عمران 165} .
فما سلط على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه أو لا يعمله . وما لا يعلمه العبد من ذنوبه أضعاف ما يعلمه منها ، وما ينساه مما عمله أضعاف ما يذكره . وفي الدعاء المشهور : " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم " ، فما يحتاج العبد إلى الاستغفار منه مما لا يعلمه أضعاف أضعاف ما يعلمه ، فما سُلط عليه مؤذ إلا بذنب .
ولقي بعض السلف رجلٌ فأغلظ له ، ونال منه ، فقال له : قف حتى أدخل البيت ثم أخرج إليك ، { فدخل } ، فسجد لله وتضرع إليه وتاب وأناب إالى ربه ثم خرج إليه . فقال له : ما صنعت ؟ فقال : تبت إلى الله من الذنب الذي سلطك به عليَّ .
وسنذكر إن شاء الله تعالى أنه ليس في الوجود شر إلا الذنوب وموجباتها ، فإذا عوفي العبد من الذنوب عوفي من موجباتها ، فليس للعبد إذا بغي عليه وأذي وتسلط عليه خصومه شئ أنفع له من التوبة النصوح .
وعلامة سعادته أن يعكس فكره ونظره على نفسه وذنوبه وعيوبه ، فيشتغل بها وبإصلاحها وبالتوبة منها ، فلا يبقى فيه فراغ لتدبر ما نزل به ، بل يتولى هو التوبة وإصلاح عيوبه ، والله يتولى نصرته وحفظه والدفع عنه ولابد . فما أسعده من عبد ، وما أبركها من نازلة نزلت به ، وما أحسن أثرها عليه ، ولكن التوفيق والرشد بيد الله ، لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، فما كل أحد يوفق لها ، لا معرفة به ولا إرادة له ولا قدرة عليه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
بقية الموضوع الجزء الثاني اضغط هنا
هل أنت من الاشخاص المميزين بنعمة من ربك وهى نعمة ظاهرة للناس او بصفة خاصة او بأي شئ قد يراه الناس عظيما ويرونه كثيرا عليك فهم يحسدونك فانتبه لذلك جيدا
واحذر أيها المؤمن من المفاخرة واظهار ما اختصك به الله من نعم فان الحسد موجود في كل انسان ولكن بدرجات حسب الايمان والرضا والقناعة عند كل شخص سواء كان مؤمنا أو مشركا فالحسد موجود والعين موجودة ولكن بدرجات
وهذه عشر وصايا لابد من اتباعها كاسباب لردع الحسد إن شاء الله :
أولا : التعوذ بالله من شره الحاسد
( ويكون ذلك بقراءة سورة الفلق يوميا من ثلاثة مرات او سبعة مرات ) او قرائتها على ماء طاهر في كوب وغسل الوجه وشرب الباقي يوميا
والله تعالى سميع لاستعاذته ، عليم بما يستعيذ منه . والسمع هنا المراد به : سمع الإجابة لا السمع العام ، فهو مثل قوله : " سمع الله لمن حمده " وقول الخليل (صلى الله عليه وسلم) : ( إَنَّ رَبِى لَسَمِيعُ الُّدعاءِ ) { ابراهيم 39} ومرة يقرنه بالعلم ، ومرة بالبصر لاقتضاء حال المستعيذ ذلك ، فإنه يستعيذ به من عدو يعلم أن الله يراه ويعلم كيده وشره .
فأخبر الله تعالى هذا المستعيذ أنه سميع لاستعاذته ، أي مجيب ، عليم بكيد عدوه ، يراه ويبصره لينبسط أمل المستعيذ ، ويقبل بقلبه على الدعاء .
وتأمل حكمة القرآن كيف جاء في الاستعاذة من الشيطان الذي نعلم وجوده ولا نراه بلفظ ( السِّمِيعُ العَلِيمُ ) في الأعراف وحم السجدة ، وجاءت الاستعاذة من شر الإنس الذي يؤنسون ويرون بالأبصار بلفظ ( السَّمِيعُ البَصِيرُ ) في سورة حم المؤمن ، فقال : ( إِنَّ الَّذينَ يُجَادِلُونَ في ءايَاتِ اللهِ بغَيرِ سُلطَانٍ أَتَاهُم إَن فى صُدُورِهِم إِلاَّ كَبرُُ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاستَعِذ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَمِيعُ البَصِيرُ ) { غافر 56} لأن أفعال هؤلاء أفعال معاينة ترى بالبصر ، وأما نزغ الشيطان فوساوس وخطرات يلقيها في القلب يتعلق بها العلم . فأمر بالاستعاذة بالسميع العليم فيها ، وأمر بالاستعاذة بالسميع البصير في باب ما يرى بالبصر ويدرك بالرؤية . والله أعلم .
ثانيا : تقوى الله :
وحفظه عند أمره ونهيه ، فمن اتقى الله تولى الله حفظه ولم يكله الى غيره ، قال تعالى : ( وإَنّ تَصبِرُوا وَتَتَّقوا لا يَضُرُّكُم كَيدُهُم شَيئاً ) {آل عمران 120} .
وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لعبدالله بن عباس : " احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك " .
فمن حفظ الله حفظه الله ، ووجده أمامه أينما توجه ، ومن كان الله حافظه وأمامه فمن يخاف ومن يحذر ؟!
ثالثا : الصبر على عدوه :
وأن لا يقاتله ولا يشكوه ، ولا يحدث نفسه بأذاه أصلاً ، فما نُصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه والتوكل على الله ، ولا يستطل تأخيره وبغيه ، فإنه كلما بغى عليه كان بغيه جندا وقوة للمبغي عليه المحسود يقاتل به الباغي نفسه وهو لا يشعر ، فبغيه سهام يرميها من نفسه الى نفسه ، ولو رأى المبغي عليه ذلك لسره بغيه عليه ، ولكن لضعف بصيرته لا يرى إلا صورة البغي دون آخره ومآله ، وقد قال تعالى : ( وَمَن عَاقَبَ بِمِثلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِى عَلَيهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللهُ ) { الحج 60} . فإذا كان الله قد ضمن له النصر مع أنه قد استوفى حقه أولاً ، فكيف بمن لم يستوف شئً من حقه بل بغي عليه وهو صابر ؟ . وما من الذنوب ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم وقد سبقت سنة الله " إنه لو بغى جبل على جبل جعل الباغي منهما دكاً " .
رابعا : التوكل على الله :
فمن يتوكل على الله فهو حسبه . والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم ، وهو من أقوى الأسباب في ذلك ، فإن الله حسبه أي كافيه ، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه ، ولا يضره إلا أذى لابد منه كالحر والبرد والجوع والعطش .
وأما ما يضره بما يبلغ منه مراده فلا يكون أبداً . وفرق بين الذى الذي هو في الظاهر إيذاء له وهو في الحقيقة إحسان إليه وإضرار بنفسه ، وبين الضرر الذي يتشفى به منه . قال بعض السلف : جعل الله لكل عمل جزاء من جنسه ، وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته لعبده فقال : ( وَمَن يَتَوكَّل عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ) {الطلاق 3} . ولم يقل نؤته كذا وكذا من الأجر كما قال في الأعمال ، بل جعل نفسه سبحانه كافي عبده المتوكل عليه وحسبه وواقيه . فلو توكل العبد على الله حق توكله وكادته السموات والأرض ومن فيهن لجعل له ربه مخرجا من ذلك وكفاه ونصره . وقد ذكرنا حقيقة التوكل وفوائده وعظم منفعته وشدة حاجة العبد إليه في " كتاب الفتح القدسي " وذكرنا هناك فساد من جعله من المقامات المعلولة . وأنه من مقامات العوام ، وأبطلنا قوله من وجوه كثيرة وبينا أنه من أجلِّ مقامات العارفين ، وأنه كلما علا مقام العبد كانت حاجته الى التوكل أعظم وأشد ، وأنه على قدر إيمان العبد يكون توكله ، وإنما المقصود هنا ذكر الأسباب التي يندفع بها شر الحاسد والعائن والساحر والباغي .
خامسا : فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه :
وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له ، فلا يلتفت إليه ، ولا يخافه ، ولا يملآ قلبه بالفكر فيه ، وهذا من أنفع الأدوية وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره ، فإن هذا بمنزلة من يطلبه عدوه ليمسكه ويؤذيه ، فإذا لم يتعرض له ولا تماسك هو وإياه بل انعزل عنه لم يقدر عليه ، فإذا تماسكا وتعلق كل منهما بصاحبه حصل الشر . وهكذا الأرواح سواء . فإذا علق روحه وشبثها به ، وروح الحاسد الباغي متعلقة به يقظة ومناماً لا يفتر عنه ، وهو يتمنى أن يتماسك الروحان ، ويتشبثا ، فإذا تعلقت كل روح منهما بالأخرى ، عدم القرار ، ودام الشر حتى يهلك أحدهما . فإذا جبذ روحه منه ، وصانها عن الفكر فيه والتعلق به ، وأن لا يخطره بباله ، فإذا خطر بباله بادر الى محو ذلك الخاطر والاشتغال بما هو أنفع له وأولى به . بقي الحاسد الباغي يأكل بعضه بعضاً ، فإن الحسد كالنار فإذا لم تجد ما تأكل أكل بعضها بعضاً ، وهذا باب عظيم النفع لا يلقاه إلا اصحاب النفوس الشريفة والهمم العالية ، { أما الغمر الذي يريد الانتقام والتشفي من عدوه فإنه بمعزل عنه . وشتان } بين الكيس الفطن وبينه ، { ولا يمكن أحداً معرفة قدره } حتى يذوق حلاوته وطيبه ونعيمه ، كأنه يرى من أعظم عذاب القلب والروح اشتغاله بعدوه وتعلق روحه به ، ولا يرى شيئاً ألم لروحه من ذلك ، ولا يصدق بهذا إلا النفوس المطمئنة الوادعة اللينة التي رضيت بوكالة الله لها ، وعلمت أن نصره لها خير من انتصارها هي لنفسها ، فوثقت بالله ، وسكنت إليه ، واطمأنت به ، وعلمت أن ضمانه حق ووعده صدق ، وأنه لا أوفى بعهده من الله ، ولا اصدق منه قيلاً . فعلمت أن نصره لها أقوى وأثبت وأدوم وأعظم فائدة من نصرها هي لنفسها أو نصر مخلوق مثلها لها .
سادسا : الإقبال على الله والإخلاص له :
وجعل محبته ورضاه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه وأمانيها تدب فيها دبيب تلك الخواطر شيئاً فشيئاً حتى يقهرها ويغمرها ويذهبها بالكلية فتبقى خواطره وهواجسه وأمانيه كلها في محاب الرب ، والتقرب إليه وتملقه وترضيه واستعطافه وذكره كما يذكر المحب التام المحبة محبوبه المحسن إليه الذي قد امتلأت جوانحه من حبه فلا يستطيع قلبه انصرافاً عن ذكره ، ولا روحه انصرافاً عن محبته ، فإذا صار كذلك فكيف يرضى لنفسه أن يجعل بيت أفكاره وقلبه معموراً بالفكر في حاسده والباغي عليه والطريق الى الانتقام منه والتدبير عليه ؟ هذا ما لا يتسع له إلا قلب خراب لم تسكن فيه محبة الله وإجلاله ، وطلب مرضاته . بل إذا مسه طيف من ذلك واجتاز ببابه من خارج ناداه حرس قلبه : " إياك وحمى الملك! اذهب الى بيوت الخانات التي كل من جاء حل فيها ونزل بها . ما لك ولبيت السلطان الذي أقام عليه اليزك ، وأدار عليه الحرس ، واحاطه بالسور ؟".
قال تعالى حكاية عن عدوه إبليس أنه قال : ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغوِينَّهُم أَجمَعِينَ * إَلاَّ عِبَادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ ) { ص 82 : 83 } .
وقال تعالى : ( إِنَّ عِبَادِى لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ ) { الحجر 42 } .
وقال تعالى : ( إِنَّهُ لَيسَ لَهُ سُلطَانٌ عَلَى الَّذينَ ءَامَنُوا وَعَلَى رَبِهِم يَتَوَكَّلُونَ * إَنَّمَا سُلطَانُهُ عَلَى الَّذينَ يتَوَلَّونَهُ والَّذينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَ ) {النحل 99 : 100 } .
وقال في حق الصديق يوسف عليه السلام : ( كَذّلِكَ لِنَصرِف عَنهُ السُّوءَ وَالفَحشَاءَ إِنَّهُ مِن عِبادِنا المُخلَصِينَ ) { يوسف 24 } .
فما أعظم سعادة من دخل هذا الحصن ، وصار داخل اليزك لقد آوى الى حصن لا خوف على من تحصن به ، ولا ضيعة على من آوى إليه ، ولا مطمع للعدو في الدنو إليه منه : ( ذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ من يَشَاءُ واللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ ) {الجمعة 4} .
سابعا : تجريد التوبة إلى الله :
من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه فإن الله تعالى يقول : ( وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتَ أَيدِيكُم ) {الشورى 30} ، وقال لخير الخلق وهم أصحاب نبيه دونه (صلى الله عليه وسلم) : ( أَوَ لَمَّا أَصَابَتكُم مُصِيبةُُ قَد أَصَبتُم مِثلَيهَا قُلتُم أَنَّى هَذَا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم ) {آل عمران 165} .
فما سلط على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه أو لا يعمله . وما لا يعلمه العبد من ذنوبه أضعاف ما يعلمه منها ، وما ينساه مما عمله أضعاف ما يذكره . وفي الدعاء المشهور : " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم " ، فما يحتاج العبد إلى الاستغفار منه مما لا يعلمه أضعاف أضعاف ما يعلمه ، فما سُلط عليه مؤذ إلا بذنب .
ولقي بعض السلف رجلٌ فأغلظ له ، ونال منه ، فقال له : قف حتى أدخل البيت ثم أخرج إليك ، { فدخل } ، فسجد لله وتضرع إليه وتاب وأناب إالى ربه ثم خرج إليه . فقال له : ما صنعت ؟ فقال : تبت إلى الله من الذنب الذي سلطك به عليَّ .
وسنذكر إن شاء الله تعالى أنه ليس في الوجود شر إلا الذنوب وموجباتها ، فإذا عوفي العبد من الذنوب عوفي من موجباتها ، فليس للعبد إذا بغي عليه وأذي وتسلط عليه خصومه شئ أنفع له من التوبة النصوح .
وعلامة سعادته أن يعكس فكره ونظره على نفسه وذنوبه وعيوبه ، فيشتغل بها وبإصلاحها وبالتوبة منها ، فلا يبقى فيه فراغ لتدبر ما نزل به ، بل يتولى هو التوبة وإصلاح عيوبه ، والله يتولى نصرته وحفظه والدفع عنه ولابد . فما أسعده من عبد ، وما أبركها من نازلة نزلت به ، وما أحسن أثرها عليه ، ولكن التوفيق والرشد بيد الله ، لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، فما كل أحد يوفق لها ، لا معرفة به ولا إرادة له ولا قدرة عليه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
بقية الموضوع الجزء الثاني اضغط هنا
المزيد من علاج السحر والحسد والعين + المس والعكوسات - اضغط هنا
شاهد أيضا:
أنظر أيضا:
تعليقات
إرسال تعليق